الخميس، 4 يوليو 2013

الآلاف من مؤيدي مرسي يواصلون الاعتصام

يواصل الآلاف من مؤيدي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي الاعتصام في اثنين من الميادين الكبرى في القاهرة، هما ميدان رابعة العدوية (شرق) وميدان نهضة مصر (غرب). ومنذ قرار الإطاحة بمرسي تحول الميدانان إلى ما يشبه ثكنة عسكرية، بعد أن أحاطت بهما قوات أمنية من كل جانب، تحسبا لوقوع أعمال عنف أو اشتباكات مع ملايين المصريين الذين خرجوا إلى شوارع العاصمة للاحتفال بإنهاء حكم الرجل الذي تؤيده تيارات إسلامية والقادم من جماعة الإخوان المسلمين.
ووقعت اشتباكات بالفعل بين المتظاهرين المؤيدين للرئيس المعزول وقوات من الأمن بمحيط مسجد رابعة العدوية، الليلة قبل الماضية، عقب عزل مرسي، وسط سماع صوت إطلاق نار. وتقول المصادر إن من بين المعتصمين قادة من الإخوان وإنه توجد مخاوف من وجود أسلحة مع المعتصمين.
وكشفت مصادر قيادية داخل عدد من الأحزاب الإسلامية الموالية لمرسي، من ميدان رابعة العدوية، عن وجود «قيادات دينية مع المعتصمين محاصرة». وقال نور أحمد (30 عاما) وينتمي لجماعة الإخوان المسلمين: «لن نترك ميدان رابعة العدوية، ونؤكد بطلان إجراءات عزل الرئيس مرسي». وأضاف أن أشخاصا يرتدون ملابس مدنية في نحو الساعة الثالثة من فجر أمس، أطلقوا النار من بنادق خرطوش وبنادق آلية على المتظاهرين، وأشعلوا النار في عدد من خيام المعتصمين بالميدان، مما أسفر عن سقوط قتيل وعشرات الإصابات نقلتهم سيارات الإسعاف إلى مستشفى التأمين الصحي بشارع الطيران».
ودخل اعتصام ميدان رابعة العدوية يومه السابع أمس، وكانت القوى والتيارات الإسلامية وفي مقدمتها حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، قد نظمت تظاهرة حاشدة بميدان رابعة العدوية الجمعة الماضي لدعم شرعية الرئيس السابق، شارك فيها مؤيدون من عدة محافظات وضواح بالقاهرة في مسيرات كبيرة طافت أرجاء المناطق المحيطة، وقادها عدد من الدعاة التابعين للجماعة الإسلامية.
وتابع أحمد قائلا: «تم تشكيل لجان شعبية وجدار حجري على مدخل الاعتصام بشارع الطيران على مدار الساعة لمنع دخول الغرباء».
لكن مصدرا أمنيا، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «متظاهري التيار الإسلامي اعتدوا على بعض المواطنين من سكان المنطقة، وتم القبض على عدد منهم، وهم يحملون أسلحة خرطوش وأسلحة بيضاء، ويجري اتخاذ الإجراء القانونية بمعرفة الشرطة». وأكد المصدر أن تشكيلات أمنية حاصرت ميدان رابعة العدوية أمس، حتى لا تتفاقم الأمور خاصة مع إصرار المعتصمين على الوجود في الميدان.
وقال المتحدث العسكري العقيد أركان حرب، أحمد محمد علي، إن القوات المسلحة لم تستعمل العنف ضد المتظاهرين بميدان رابعة العدوية، وإن قوات التأمين المنتشرة في محيط الميدان تقوم بأعمال تأمين المتظاهرين وتأمين أرواح المصريين مثلهم مثل جميع المتظاهرين السلميين دون تفرقة.
ووسط انشغال غالبية المصريين بالاحتفال بعزل الرئيس مرسي نظم عدد من المتظاهرين الإسلاميين المؤيدين له أمس، استعراضات رياضية - شبه عسكرية - بمحيط مسجد رابعة العدوية، حيث ارتدوا الخوذ وحملوا العصي والدروع الحديدية ورددوا هتافات «حرية وعدالة.. مرسي وراه رجالة».
وفي السياق نفسه، قالت مصادر أمنية أخرى، إن «متظاهري ميدان النهضة بجامعة القاهرة، حطموا عددا من السيارات، وأطلقوا النار في الهواء عقب البيان الذي ألقته القوات المسلحة الليلة قبل الماضية»، وتقرر فيه عزل مرسي. وكشفت التحقيقات التي أجريت بإشراف المستشار أحمد البحراوي، المحامي العام الأول لنيابات جنوب الجيزة، عن أن المناوشات أسفرت عن إصابة 3 أشخاص بأعيرة نارية، وطلقات خرطوش في الساعات الأولى من صباح أمس، لكن شاهد عيان من داخل اعتصام الإسلاميين بميدان «النهضة»، ذكر أن مجهولين قاموا بإطلاق النيران بكثافة على المتظاهرين، وقام بعضهم بإشعال حرائق في حديقة الأورمان المجاورة، مما أسفر عن وقوع عشرات المصابين.

مرسي واجه لحظة إخطاره بالعزل بالسخرية مما يجري

دخل ثلاثة من قيادات قوات الحرس الجمهوري إلى المقر الذي يقيم فيه الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، لإبلاغه بقرار إقالته. كان مرسي يجلس مرتديا قميصا أبيض في ردهة واسعة تابعة لدار الحرس الجمهوري، مع نحو 20 من مساعديه، بينهم أحد أبنائه. حدث ذلك أثناء إلقاء الفريق أول عبد الفتاح السيسي وزير الدفاع والإنتاج الحربي، بيان الجيش والقوى السياسية والوطنية والدينية، بشأن تكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا بإدارة شؤون البلاد مؤقتا، لحين انتخاب رئيس آخر.
وحصلت «الشرق الأوسط» من مصادر في الحرس الجمهوري، على رواية تقول إن مرسي قابل لحظة إخطاره بالعزل بضحك متواصل و«هستيري»، وإنه أخذ يردد أن «ما يحدث انقلاب.. انقلاب». وبدا أنه غير مصدق وغير مستوعب لما يحدث.
وتابعت المصادر قائلة إن السيدة باكينام الشرقاوي، مساعدة الرئيس للشؤون السياسية انخرطت في موجة من البكاء والصراخ، وهي تلوح بيديها في وجه ضباط الحرس الجمهوري في إشارات على أن ما يقولونه للرئيس من أخبار غير صحيحة، وأن الرئيس لديه ما سيرد به على محاولة نزع شرعيته.
وقالت المصادر أيضا إن الرئيس مرسي حين دخل عليه ضباط الحرس الجمهوري للردهة كان جالسا على كنبة طويلة وليس بجواره أحد، بينما كان مساعدوه وابنه يجلسون على مقاعد في حلقة شبه دائرية من حوله، وإن رجال الحرس الجمهوري دخلوا من الباب الذي كان في مواجهة الرئيس. وأضافت المصادر أن الرئيس حين رأى الضباط يلجون من الباب وقف قبل الآخرين، وهو يبتسم لكن القلق كان باديا عليه، لكنه لم تكن حالته العامة توحي بأنه ينتظر قرارا بعزله. وقال، بعد أن جرى إبلاغه بأنه تم تكليف رئيس المحكمة الدستورية العليا برئاسة الدولة بشكل مؤقت: ماذا؟ وانخرط في موجة من الضحك. ثم عاد وقال بصوت مرتفع: «هذا لا يمكن.. هذا انقلاب.. ما يحدث انقلاب.. انقلاب».
وتابعت المصادر موضحة أن الشريط المصور الذي ظهر لمرسي على «يوتيوب» بعد قرار عزله، وكان يتحدث فيه عن تمسكه بشرعيته، جرى تسجيله قبل يومين من إلقائه لخطاب إلى الشعب مساء يوم الثلاثاء الماضي، قائلة إن التسجيل تم بواسطة جهاز «آي بود» يخص أحد أفراد الحرس الجمهوري. وقالت المصادر إن هذا الشريط المصور نقل إلى قادة في الجيش مساء يوم الاثنين الماضي، وأن مرسي حين طلب أن يلقي كلمته إلى الشعب مساء يوم الثلاثاء، تم إخطار الفريق أول عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، مشيرة إلى أن قادة في الجيش قرروا السماح لمرسي بإلقاء الكلمة بعد أن شاهدوا مضمون التسجيل الأول، حيث ظهر بعد ذلك أن خطاب الثلاثاء لم يختلف كثيرا عن مضمون الكلمة الأولى المسجلة بالـ«آي بود».
وأضافت المصادر أن قوات الحرس الجمهوري كانت تحتفظ بمرسي داخل دار الحرس الجمهوري منذ يوم الأحد الماضي، بتعليمات من الجيش «من أجل حمايته»، لكن الرئيس كان يستشعر خطورة الأمور التي تجري من حوله. كما أنه «لم يكن لديه ما يفعله غير التشاور مع عدد من مساعديه المقربين مثل الدكتور عصام الحداد مساعده للشؤون الخارجية، والسيدة باكينام».
وفور إعلان بيان السيسي تحفظت قوات الحرس الجمهوري على مرسي. وقالت المصادر إنه بالنسبة لمساعدي الرئيس وابنه، فإن التعامل معهم لم يجر على يد الحرس الجمهوري وإنما «أمرهم متروك للسلطات الأمنية الأخرى، في حال وجود أي مخالفات تخص أيا منهم». وقالت إن مرسي ما زال تحت التحفظ «تمهيدا للتحقيق معه في عدة قضايا تخص الأمن القومي المصري».

عيون المصريين تستشرف المستقبل بعد إزاحتهم للإخوان

عاش المصريون أول من أمس ليلة تاريخية من الفرح والنصر، نفضوا في طقوسها - التي امتدت حتى الصباح بالرقص والغناء والزغاريد في شوارع وميادين المدن والقرى والنجوع - غبار عامين ونصف من الفوضى الأمنية والارتباك السياسي، وتفاقم الأزمات المعيشية. واستعادوا بقوة زخم ثورة 25 يناير 2011، التي أطاحت بنظام وصفوه بـ«المستبد» جثم على صدورهم طيلة ثلاثين عاما، وصححوا مسارها المعوج بانتفاضة شعبية أذهلت العالم في 30 يونيو (حزيران) الماضي ضد حكم الإخوان المسلمين.
كان لافتا في الشوارع عودة البسمة لوجوه الأطفال والشباب والشابات والرجال والنساء والشيوخ، وهم يطوحون بالأعلام والرايات، ويطلقون الهتافات والألعاب النارية، بينما تحلق مجموعات من طائرات الجيش في السماء وترسم بغلالات من الدخان الأسود والأبيض والأحمر علم مصر.
وفي المقاهي والمنتديات العامة تجمع المئات أمام شاشات التلفزيون يتابعون الأخبار، ويهللون على إيقاع الأغاني الوطنية، وفي أحياء كثيرة قدمت المقاهي المشروبات بالمجان لروادها ابتهاجا بالنصر، كما قام عدد من المولات الكبرى في القاهرة وضواحيها بعمل تخفيضات في الأسعار وصلت إلى النصف في بعضها، وعجت هذه المولات بالموسيقى والأغاني الوطنية.
ولم يكترث أغلب المصريين بالاختناق المروري الذي شل حركة المرور في الشوارع والميادين الرئيسة المكتظة بالبشر ومظاهر الاحتفالات، فركن الكثير منهم سياراتهم الخاصة، وانخرطوا وسط الحشود.
«حالة مصرية بامتياز».. هكذا تصف شوقية أحمد، سيدة أربعينية، تعمل باحثة بالمركز القومي للبحوث، وهي تتمايل مع طفليها بأعلام مصر وسط حشود من المصريين أمام المول بمدينة الشيخ زايد بضواحي الجيزة. وتقول: «بكيت وأنا أستمع للبيان التاريخي الذي ألقاه الفريق السيسي وزير الدفاع.. أنا فخورة بكوني مصرية.. وممتنة لحركة تمرد وشباب مصر الرائع الأصيل.. كنا جميعا في اختبار حياة أو موت.. الحمد الله انزاحت الغمة والكابوس.. صدقني مصر من الآن ستنطلق إلى الأفضل والأجمل».
على بعد خطوات منها لفت نظري شاب ملتح ممسكا بلافتة «أنا باكره الإخوان أنا مصري أنا إنسان.. تحيا مصر». سألته، فرد قائلا: «أنا اسمي عادل، محاسب ومتخرج من كلية التجارة من خمس سنوات. والمسألة ليست كراهية، وإنما أنا أتقي الشبهات.. الإخوان جشعون، وكذابون وليس لهم عهد، كل همهم السلطة فقط، ومصالح الجماعة في الداخل والخارج.. وقدموا لنا أسوأ نموذج للحكم في التاريخ، وضحكوا على الشعب، وخانوا الأمانة والمسؤولية».
ثم أردف الشاب قائلا، وقد انفرجت أسارير وجهه: «اليوم بعد أن صححنا مسار ثورتنا وأسقطنا هذا الحكم بإرادتنا الشعبية وبإخلاص جيشنا الباسل وعادت لنا شرطتنا في ولادة جديدة، أنا مستعد أن أقبلهم وأتعايش معهم، فهم شركاء في هذا الوطن، لكن عليهم أن يغيروا من سياسة السمع والطاعة، ومن منهج الإقصاء، وكأنه لا أحد غيرهم في الوطن».
شرارة هذا الوعي الوطني الذي تحدث به الشاب عادل كانت قاسما مشتركا، وبدرجات متفاوتة بين أعداد كبيرة من المصريين.. فعلى الرغم من مظاهر الفرحة، فإن عيونهم مشدودة إلى المستقبل، كل يفكر فيه بطريقته وهمومه الخاصة، لكن «من أجل الوصول في النهاية بمركب الوطن إلى بر السلامة»، على حد قول محمد القط وهو صيدلي شاب، يرى أن سياسة الإقصاء آفة، بل جريمة في حق الإنسان مهما كانت توجهاته ومشاربه السياسية والفكرية. ويوضح القط بقوله: «هذه السياسة هي التي أسقطت برأيي حكم الإخوان، فهم أولا رفعوا شعار (مشاركة لا مغالبة)؛ ثم سعوا بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة إلى أن يستولوا على المشهد كله، وأن يصبح الوطن مجرد إقطاعية من أجلهم فقط».
وبنبرة حماس يتابع القط: «أنا مع خارطة المستقبل التي وضعها الجيش بتوافق كل القوى والتيارات السياسية والدينية، وأتصور أنه أصبح واجبا على كل المصريين أن يسعوا لإنجاح هذه الخارطة، لأنها بالفعل طوق نجاة للوطن ولنا جميعا».
أما عم حسن، بائع خضر بحي ميت عقبه الشعبي بالجيزة، فقد رشق علم مصر بين أكوام الطماطم والبطيخ والعنب والخيار.. وقبل أن أسأله بادرني قائلا: «تفضل نقي اللي يعجبك.. النهار ده عيد مصر.. كلنا فرحانين.. مش مهم الفلوس». وحين عرف أنني صحافي ارتجاني أن «أكتب الكلمتين دول»، قال عم حسن: «مصر ليس لها غير أخواتها العرب، الأميركان والأوروبيون غرباء عنا، كل ما يهمهم مصالحهم وبس.. مصر مرجعتش للمصريين فقط.. بل رجعت للعرب، ربنا يديم الفرح علينا كلنا».
ومن بين اللافتات العديدة التي غمرت احتفالات المصريين تصدرت صورة وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي المشهد، حيث يرى الكثيرون أنه أصبح رمزا وبطلا قوميا، وأنه نجح في أن يخوض الجيش بقيادته أدق اختبار شعبي تعرض له على مدار تاريخه العريق.. فحسبما تقول نيفين، وهي طبيبة أسنان شابه، تقطن أحد الأحياء المتميزة بمدينة السادس من أكتوبر: «كان يمكن للفريق السيسي أن يهنأ بما حصل عليه ويكتفي به، فقد أصبح وزيرًا لدفاع مصر وقائدًا عامًا لقواتها المسلحة، وحصل على امتيازات دستورية تحصن منصبه وقواته من عبث تيار الإسلام السياسي بمقدرات البلاد التاريخية.. لكنه وفي لحظة فارقة من تاريخ مصر ضرب بتوجهات أميركا، التي ترغب في استمرار نظام حكم الإخوان لأسباب أهمها المحافظة على أمن إسرائيل، وتقليم أظافر حماس، وتغذية استمرار الشقاق الفلسطيني. لكنه اختار الانحياز إلى إرادة وأشواق الأغلبية الكاسحة من المصريين، الذين خرجوا بالملايين إلى الشوارع مطالبين بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، متحملا عواقب قراره الجريء والاستثنائي برأيي، غير عابئ بما قد يجره عليه من مشكلات».
وتبتسم طبيبة الأسنان الشابة وهي تتابع: «أنا أعتبر ما حدث وانزياح كابوس الإخوان ولادة جدية للكرامة المصرية ولثورة 25 يناير التي كان شعارها عيش، حرية، عدالة اجتماعية».
لم ترافق صورة الفريق السيسي مظاهر الحفاوة والاعتزاز فقط في أفراح المصريين، بل أيضا رافقتها حالة من الدهشة طفت على السطح بنكهة مصرية أصيلة.. عاطف عبد العزيز، وهو شاعر وكاتب صحافي صادفته بأحد المقاهي منغمسا في الأفراح، يعلق على هذا المشهد قائلا: «حجم الحزن الحادث في وسط صانعي القرار في أميركا مدهش، وعدم تصديق سرعة إيقاع الأحداث، حتى إن مذيعة في (سي إن إن) متعجبة أن اليوم تنتقل السلطة في أقل من 24 ساعة إلى رئيس (مدني مؤقت) دستوري؛ حتى قبل أن تتخذ الإدارة الأميركية قرارا بشأن ما حدث في مصر بالأمس، حيث إنها الآن لا تستطيع الادعاء الآن أنه انقلاب عسكري!».
يتابع عاطف، وهو يشد بانتشاء أنفاسا متتالية من دخان النرجيلة: «السيسي يدهش العالم، رجل المخابرات الحربية، ومن قبلها رجل القوات الخاصة، يثبت للعالم أن في مصر عقليات جبارة، تستطيع التخطيط والتنفيذ بدقة عالية وبدهاء بالغ، عند التعامل مع الأحداث الجسام ومع المؤامرات التي تحاك ضد مصر».

اعتقال رموز جماعة الإخوان بمصر

بدأت السلطات الأمنية والقضائية المصرية في ملاحقة قادة جماعة الإخوان المسلمين ورموز النظام الإخواني السابق، بعد قرار الجيش بعزل محمد مرسي من رئاسة الجمهورية، عقب انتفاضة شعبية ضخمة يوم أول أمس. وجاء على رأس قائمة المعتقلين المرشد العام السابق للجماعة مهدي عاكف، وسعد الكتاتني رئيس البرلمان المنحل، ورئيس حزب الحرية والعدالة.
وصدر أمس حكم بحبس رئيس الوزراء السابق هشام قنديل، بينما تناقلت الروايات أمس نبأ اعتقال المرشد العام للجماعة الدكتور محمد بديع في مدينة مرسى مطروح شمال غربي البلاد، لكن اللواء هاني عبد اللطيف، وكيل الإدارة العامة للإعلام والعلاقات بوزارة الداخلية، نفى لـ«الشرق الأوسط» هذا الأمر، قائلا «جار تتبعه لكن لم يتم القبض عليه حتى الآن». وأكد اللواء عبد اللطيف القبض على عاكف والحرس الخاص به بمحافظة القاهرة وبحوزتهم 4 قطع أسلحة نارية.
وقالت مصادر في مرسي مطروح إن بديع يتحصن في قرية أندلسية في المدينة الواقعة على بعد نحو 500 كيلومتر شمال غربي القاهرة، ومعه مسلحون من جماعة الإخوان بأسلحة ثقيلة، وفقا للمصادر التي لم يتسن التأكد من صدق روايتها في حينها، إلا أن مصادر عسكرية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن مسلحين من التيار الإسلامي يعتقد أنهم من جماعة الإخوان، شنوا هجوما بأسلحة رشاشة وقذائف صاروخية على مواقع أمنية في المدينة، مما أدى إلى سقوط نحو 4 من المهاجمين واثنين من قوات الأمن.
وكانت النيابة العامة قد أصدرت أمرا باعتقال بديع ونائبه خيرت الشاطر وعدد من قيادات الجماعة، وذلك لاتهامهم بالتحريض على قتل المتظاهرين السلميين أمام مقر مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان بضاحية المقطم في الأيام الماضية، والتحريض على العنف وتكدير الأمن والسلم العام. وفي السياق نفسه، تم أمس إيداع الدكتور سعد الكتاتني، ومحمد رشاد بيومي نائب المرشد العام للجماعة، في منطقة سجون طرة، بعد أن تم إلقاء القبض عليهما أول من أمس في ضاحية السادس من أكتوبر والجيزة. وأصدر المستشار ثروت حماد، مستشار التحقيق المنتدب من وزير العدل، قرارا بإدراج اسم الرئيس المعزول محمد مرسي، وهو عضو سابق في مكتب إرشاد الجماعة ورئيس سابق لحزبها (الحرية والعدالة)، وثمانية آخرين من قيادات الجماعة ومناصريها الكبار، على قوائم المنع من السفر، والتحقيق معهم يوم الاثنين المقبل في اتهامهم بإهانة السلطة القضائية ورجالها. والمتهمون في هذه القضية طبقا لوكالة أنباء «الشرق الأوسط» الرسمية هم: محمد مرسي، سعد الكتاتني، محمد البلتاجي، مهدي عاكف، صبحي صالح، جمال جبريل، طاهر عبد المحسن، عصام سلطان، محمد العمدة.
وجاء قرارات حماد في ضوء التحقيقات التي يباشرها في البلاغات المحالة إليه والتي كان مقدموها قد تقدموا بها للنائب العام ثم أحيلت إليه باعتباره مستشار التحقيق المختص والمنتدب للتحقيق في تلك الوقائع. وقد أشارت البلاغات إلى أن المتهمين أهانوا السلطة القضائية ورجالها عبر العديد من وسائل الإعلام، إلى جانب خطاب الرئيس السابق الذي أهان فيه السلطة القضائية. وبالفعل ألقت قوات الأمن القبض على محمد العمدة عضو مجلس الشعب المنحل، أمس، للتحقيق معه بتهمة إهانة القضاء والتأثير على رجال القضاء.
من جهة أخرى، قالت مصادر قضائية إن حكما نهائيا صدر أمس من محكمة جنح مستأنف الدقي، بتأييد حبس رئيس الوزراء هشام قنديل سنة وعزله من الوظيفة، بعدما أدانته بالامتناع عن تنفيذ حكم قضائي بعودة شركة «النيل» إلى شركة «حلج الأقطان» التي كانت أسهمها بيعت للقطاع الخاص في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك.